مشهد صيفي مألوف: حرّ، طريق سريع، ازدحام مروري، وكلب يطلّ من نافذة سيارة قريبة مفتوحة - فمه مفتوح، ولسانه متدلٍّ، وأنفه يستنشق الهواء الحارق بشراهة. مشهد شتوي: ازدحام مروري، برد، رياح عاتية، وأنف كلب يراقبك من خلال شقّ في النافذة الجانبية لسيارة متوقفة. لماذا يحدث هذا؟ اقرأ هذه المقالة لتعرف.
التنفس وتنظيم درجة الحرارة
التنظيم الحراري هو قدرة الحيوانات ذوات الدم الحار، بما فيها الكلاب، على الحفاظ على درجة حرارة جسم مريحة بغض النظر عن تغيرات درجة حرارة البيئة. يعمل جلد الحيوان وفراؤه كعازل حراري في درجات الحرارة الساخنة والباردة. تفتقر الكلاب إلى الغدد العرقية مثل البشر، لذا لا يحدث التبخر والتبريد عبر الجلد. الغدد العرقية القليلة الموجودة تقع على باطن الأقدام وفي الأذنين.
تنظم الكلاب درجة حرارتها من خلال التنفس. التنفس السريع من خلال فم مفتوح ولسان بارز (اللهاث الحراري) يخفض درجة حرارة الجسم. عند التنفس بهذه الطريقة، يستنشق الكلب الهواء من خلال الأنف ويزفر من خلال الفم. تتبخر الرطوبة من الغشاء المخاطي الأنفي، الذي يجب أن يحصل على رطوبة كافية أثناء التبادل الحراري. في عام ١٦٦٤، اكتشف عالم التشريح الدنماركي نيكولاس ستينو الغدة الأنفية لدى الكلاب، التي تُزود الأنف بالرطوبة وتؤدي نفس وظائف الغدد العرقية البشرية.
يمكن الاستنتاج أن فتح النافذة فرصة أخرى للحيوان ليُخرج أنفه ويبرد نفسه. ولكن لماذا إذن يُجبر الحيوان صاحبه على فتح نافذة السيارة في الشتاء، في الطقس البارد، مع تشغيل مكيف الهواء؟
الحياة في عالم الروائح
تنتمي الكلاب إلى فصيلة من الحيوانات تُسمى "الكلاب الكبيرة". تتنقل هذه الحيوانات في محيطها باستخدام حاسة الشم.
تتكون مستقبلات أنف الكلب من ظهارة شمية، وهي أكثر سمكًا بخمسة عشر مرة من ظهارة الإنسان. وهكذا تتشكل حاسة الشم وتنتقل إلى دماغ الحيوان، الذي يستطيع تمييز مليون رائحة على مسافة تزيد عن كيلومتر واحد.
الآن، أنت تدرك حجم الروائح التي تدخل السيارة عند فتح نافذة جانبية. لا يمكنك تمييزها، لكن الكلب يستطيع تمييز حتى تركيز ونضارة أصغر الجسيمات في الهواء. لقد تعلم منذ زمن طويل رائحة سيارتك الداخلية. بمجرد أن يستشعر رائحة غريبة، يرفع فمه، ويوجه أنفه نحو الريح، ويحدد بدقة مصدر الرائحة ومسافتها. يُطلق خبراء الكلاب على هذا السلوك اسم "الحاسة العليا".
لذا، فإن الكلاب تحب استكشاف الروائح الجديدة من خلال نافذة السيارة، ويرجع ذلك إلى حاسة الشم القوية والحساسة لديها.
ماذا يرى الكلب من النافذة؟
بصر الكلب أضعف من بصر الإنسان. وكما هو الحال مع الحيوانات المفترسة، يتفاعل الكلب في المقام الأول مع الحركة. على سبيل المثال، يستطيع الكلب رصد شخص يمشي على مسافة 400 متر، لكنه قد لا يلاحظ شخصًا واقفًا حتى على مسافة 100 متر.
ربما لهذا السبب، عند قيادة السيارة، تستيقظ غريزة الصيد أو حماية صاحبها لدى الحيوان الأليف ذي الأرجل الأربع. كل شيء حوله يتحرك، ويومض، والصور تتغير باستمرار.
رأي عالم أسترالي
شبّه كريس دانيلز، عالم الحيوان الأسترالي، رأس الكلب بجهاز حسي معقد يحتاج إلى إعادة تشغيل من حين لآخر. فعندما تتحرك السيارة، يُحدث إخراج رأس الكلب من النافذة نوعًا من إعادة التشغيل تحت ضغط الهواء. ووفقًا للعالم، فإن هذه هي الطريقة التي تختبر بها الكلاب أحاسيس جديدة وتستمتع بها. وهم يفعلون ذلك من أجل المتعة، تمامًا مثل البشر.
"الكلب، كالإنسان، يحب المرح. والسيارة المتحركة بمثابة منزل مليء بالمغامرات للكلب."
لماذا تعشق حيواناتنا الأليفة ركوب السيارات والخروج من النوافذ؟ يتفق أصحاب الكلاب على عدة أسباب: فهي تُنعش أجسامهم، وتستكشف روائح مختلفة، وتشعرهم بالمغامرة، وتقضي وقتًا أطول مع أصحابها. إذا كان كلبك يعشق ركوب السيارات، ففكّر في اصطحابه في رحلات أكثر تكرارًا.
