القطط البرية كنزٌ حقيقيٌّ من كنوز الطبيعة. من بينها أنواعٌ نادرةٌ لم تُدرس جيدًا، وأسلوب حياتها وطبيعتها يكاد يكون مجهولًا. ومع ذلك، نجح العلماء في كشف حقائق مثيرة للاهتمام حول عادات هذه القطط.
جاكوارندي
هذا القط البري الصغير موطنه الأصلي أمريكا الوسطى والجنوبية، ويفضل العيش في الغابات الجافة أو الاستوائية، والمراعي، وشواطئ البحيرات، والمستنقعات، والسافانا. لا يتجاوز طول جسمه 80 سم، ويصل ارتفاع كتفيه إلى 35 سم فقط، ويمكن أن يصل وزنه إلى 10 كجم. يشبه الجاكوارندي في مظهره حيوانات ابن عرس أو الزباد.
على الرغم من أنه من الصعب جدًا مواجهة هذا العضو السري من عائلة القطط في البرية، إلا أن العلماء تمكنوا من اكتشاف العديد من الحقائق المثيرة للاهتمام عنه:
- يعيش حياة نهارية، وتصل ذروة الصيد خلال فترة الظهيرة الحارة؛
- يتحرك بشكل أساسي على الأرض، لكن يمكنه السباحة أو تسلق الأشجار؛
- يتغذى على الثدييات الصغيرة والطيور والأسماك والزواحف الصغيرة والضفادع؛
- يعيش أسلوب حياة منعزلاً، ولا يجد شريكًا إلا خلال موسم التكاثر.
ومن المثير للاهتمام أيضًا أن الجاغوارندي يُظهر سلوكًا فريدًا أثناء الصيد، لا يُلاحظ لدى القطط الأخرى. إذ يقف الحيوان على قائمتيه الخلفيتين ويبقى ثابتًا في هذا الوضع لفترات طويلة، مُلاحقًا فريسته مُنتظرًا اللحظة المناسبة للهجوم.
كود كود
القط التشيلي (الكودكود، الغينيا) من سكان غابات فالديفيا الذين لم يُدرسوا جيدًا. يسكن غرب الأرجنتين وجنوب ووسط تشيلي. لدى السكان المحليين العديد من الأساطير المرعبة المرتبطة بهذا المفترس. وفقًا لإحداها، فإن الكودكود مصاص دماء، يتغذى على دماء الكائنات الحية. لم يكن هذا الاستنتاج بشأن المعتدي الصغير محض صدفة. عند فحص الضحايا، ظهر جرحان صغيران يشبهان لدغات الخفافيش على أعناقهم. ومع ذلك، توصل العلماء إلى تفسيرهم الخاص لهذه الحقيقة. يعتقدون أن هذه هي طريقة الكودكود غير المعتادة في قتل فريسة أكبر منه.
من حيث المظهر، يُعدّ القط التشيلي أصغر قطط أمريكا الجنوبية، إذ يُشبه قطًا صغيرًا. لا يتجاوز ارتفاعه عند الكتفين 22 سم، ويبلغ طول جسمه شاملاً الرأس والذيل نصف متر، ويتراوح وزنه بين 2 و3 كجم.
يعيش هذا المفترس حياةً منعزلةً، فلا يجد شريكًا إلا خلال موسم التزاوج. يصطاد ليلًا ونهارًا الثدييات والطيور والسحالي والضفادع والعث. ولأنه سباح ماهر، غالبًا ما يتغذى على الأسماك التي يصطادها. وهو ماهر في تسلق الأشجار، ويسرق بيض الطيور من أعشاشها.
أدت إزالة الغابات والصيد الجائر ونقص الغذاء الناتج عن النشاط البشري إلى انخفاض كبير في أعداد هذه القطة النادرة. تُصنف قطة الكودكود ضمن الأنواع المهددة بالانقراض، حيث يُقدر عددها بما لا يزيد عن 10,000 قطة بالغة.
قطة الأنديز
من أندر القطط وأقلها دراسة، وهو على وشك الانقراض. لم يتبقَّ منه سوى ٢٥٠٠ فرد بالغ.
يشبه حجمه حجم القطط المنزلية الشائعة، ويعيش في جبال الأنديز بأمريكا الجنوبية. لا يُعرف الكثير عن نمط حياته، باستثناء أنه يصطاد ليلًا ويغير موقعه فورًا عند اكتشافه من قِبل البشر.
ليس من قبيل المصادفة أن ينشأ لدى سكان المرتفعات انعدام ثقة بالناس. لسنوات طويلة، اعتبر الهنود قتل الحيوان شرفًا. إذا اقتربت قطة من مستوطنة، كانت تُرجم حتى الموت، وإذا أُلقي القبض عليها، تُحتجز في الأسر، حيث لا تستطيع البقاء على قيد الحياة لأكثر من شهر، رافضةً الطعام والماء.
قطة تمينك
يتميز القط الذهبي الآسيوي بطبعه الكتوم، مما يجعل رصده في البرية أمرًا صعبًا للغاية. يشبه في مظهره الفهد، ويتراوح طول جسمه بين 65 و105 سم، وارتفاعه عند الكتف بين 39 و50 سم، ووزنه بين 12 و15 كجم.
لا يُعرف الكثير عن نمط حياة هذا الحيوان. يصطاد في أي وقت من اليوم، ويعتمد نمط حياته على الروتين اليومي لفريسته المحتملة. أثناء مطاردة الفريسة، يمكنه قطع مسافات طويلة (4-5 كيلومترات)، لكنه يفضل الانسحاب عند مواجهة إنسان. غالبًا ما يهاجم من الأشجار العالية، لكنه يفتقر إلى القوة اللازمة للمطاردة الطويلة. يصطاد في المقام الأول القوارض الصغيرة والطيور والبرمائيات والزواحف الصغيرة، وبصورة أقل القرود والماشية. يعيش حياة منعزلة.
قطة بامباس
هذا الحيوان الصغير، الذي يصل طوله إلى 80 سم، ذو فراء أشعث، ويصل وزنه إلى 7 كجم، يسكن السهوب والغابات والمناطق الجبلية في أمريكا الجنوبية. يُطلق عليه السكان المحليون اسم "قط القش"، وتختلط عليهم الآراء حوله، فإما أن ينسبوا إليه قوىً غامضة، أو يقتلوه من أجل فراءه الجميل ذي اللون الرمادي البني أو الرملي المصفر.
لا يُعرف الكثير عن نمط حياة قط العشب. فهو يصطاد غالبًا عند الغسق أو في الليل، مهاجمًا الفرائس الصغيرة ومحاولًا تجنب الحيوانات المفترسة الأكبر حجمًا. عند رؤية إنسان، يبدأ بالهسهسة ونفش فروه، وإذا شعر بالخطر، يهاجم دون تردد، بغض النظر عن حجمه. يتغذى على الثدييات الصغيرة والسحالي والحشرات، ولكن في أوقات المجاعة، قد يهاجم الحيوانات الأليفة.
قطة سومطرية
سُميت على اسم جزيرة سومطرة، وهذا النوع من جنوب شرق آسيا ليس كبيرًا جدًا: طول جسمه لا يتجاوز نصف متر، وارتفاعه عند الكتف 30 سم، ووزنه 3 كجم.
وتتميز بطابعها المتناقض، وسريتها الشديدة، وعيونها الكبيرة المتقاربة التي توفر أقصى قدر من الرؤية، ووجود غشاء بين أصابع القدم.
إنه ليلي، يُفضّل الصيد على ضفاف الأنهار. في حال الخطر المُحدق، يُفضّل الفرار من ساحة المعركة على الهجوم.
يتغذى غالبًا على الأسماك والضفادع، وأقل شيوعًا على القوارض أو الفراخ. لاصطياد فريسته، يغمس رأسه تحت الماء وينتظر. ثم يسحبها إلى مسافة آمنة ويأكلها. ومن المثير للاهتمام أنه أحيانًا يستهلك طعامه في الماء، مثل الراكون.
كاراكال
الوشق حيوان فريد من نوعه ينتمي إلى فصيلة القطط، يشبه الوشق بفضل آذانه السوداء الكبيرة ذات الأطراف المدببة. ومن هنا جاء اسمه، الذي يُشبه "كارا-كولاك" بالتركية، ويعني "الأذن السوداء".
يسكن آسيا الوسطى وأفريقيا، بالإضافة إلى شبه الجزيرة العربية. يعيش في السهوب والسافانا، حيث يُسهّل عليه فروه الرملي الزاهي التمويه.
على الرغم من اعتباره حيوانًا مفترسًا خطيرًا، فقد تم تدجينه لأول مرة في بابل القديمة، وكان يُستخدم في الصيد. يُعدّ الوشق حيوانًا مفترسًا ممتازًا، إذ يصل طول جسمه إلى 120 سم ووزنه إلى 20 كجم. وهو قادر على مهاجمة الفرائس الأكبر حجمًا، مثل الظباء أو الماشية الصغيرة.
ومن المثير للاهتمام أيضًا أن هذا الحيوان بدأ تدجينه بنشاط في القرن العشرين. يتميز بإخلاصه الشبيه بإخلاص الكلاب لصاحبه، وموقفه المخلص تجاه البشر.
معظم القطط البرية على وشك الانقراض بسبب النشاط البشري وإزالة الغابات غير المنضبطة. كما يُشكل الصيد الجائر تهديدًا حقيقيًا لها. العديد من الأنواع مُدرجة بالفعل في الكتاب الأحمر، وهي محمية ككنوز وطنية.









